مما لا شكّ فيه أنّ الحياة لا تستقيم ولا تحافظ على توازنها إلّا بركنيها المرأة والرجل، وكلّ منهما له دوره في بناء مجتمعه والإسهام في تقدّمه، ولكننا حين نتحدث عن ينبوع الحنان الذي لا ينضب، وسرّ الوجود، وكلمة السر في كلّ نجاح فإننا بلا شكّ نتحدث عن المرأة ودورها العظيم في بناء الإنسان والأوطان.
ومن هنا فليس غريباً أنّ نلحظ ذلك الاهتمام بالمرأة في الشرائع والأديان كافة، وفي الحضارات والثقافات جميعها، فهي الأمّ والأخت والبنت والزوجة، وهي شريكة الرجل في كلّ شيء، فلا تقدّم إلّا بتعزيز دورها وتمكينها في المجالات كافة، فدور المرأة وأثرها حاضر في كل تفاصيل الحياة، ابتداء من البيت وتنشئة جيل قويّ متمسك بإرثه وتقاليده الأصيلة، متطلّع لبناء دولة قوية تضاهي أرقى الدول تقدماً ورقيّاً، مروراً بدورها في بناء المجتمع، والمساهمة في قيادته نحو مستقبلٍ مشرق، كيف لا وهي الشجرة الطيبة التي تثمر نشئاً يحمل القيم السامية إذا ما ارتوت بماء المحبة والعناية، وإذا ما وجدت التربة الطيبة لتحقق كل ما خلقها الله لأجله.
والحقيقة أنّ قادتنا في دولة الإمارات العربية المتحدة أدركوا ذلك جيداً، فوضعوا نصب أعينهم تمكين المرأة الإماراتية، وتعزيز دورها في بناء الوطن، فحظيت باهتمام منقطع النظير قولاً وفعلاً، وهذا ما أكده والدنا الشيخ زايد آل نهيّان طيّب الله ثراه، بقوله: “لا شيء يسعدني أكثر من رؤية المرأة وهي تأخذ دورها المتميز في المجتمع، ويجب ألا يعيق تقدمها شيء”.
إنّ هذه الكلمات الطيبة للشيخ زايد تعكس مدى تعويله على دور المرأة في بناء الأمم، وتؤكد حرصه الشديد (رحمه الله) على إزالة كل المعوقات من طريق المرأة لتمارس دورها البنّاء في المجتمع.
وهذا النهج نراه ماثلاً في توجهات القيادة الحكيمة لدولتنا متمثلة برئيس الدولة محمد بن زايد حفظه الله، فقد عمل جاهداً على تعزيز دور المرأة، إيماناً منه بأنّها صاحبة الأثر المحوري في تقدم البشرية، فقال:
“المرأة هي مصدر إلهام في العطاء والإنجاز، ودورها جوهري في صنع التقدم، وموقعها محوري في العمل من أجل مستقبل أفضل للبشرية”.
وما نراه اليوم من تألق للمرأة الإماراتية على مختلف الصُّعد، وفي شتى المجالات ما هو إلّا تأكيد لهذه الرؤية الواضحة لقيادتنا الحكيمة في تمكين المرأة، والفخر بإنجازاتها، وهذا ما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله بقوله: “مساهمة المرأة الإماراتية ومثابرتها وطموحاتها في مسيرة الوطن ماثلة للعيان بإنجازاتها وأعمالها”.
فالمرأة قادرة بطبيعتها التي جبلها الله عليها على العطاء بلا حدود، وعلى التميّز والنجاح، ولا تحتاج إلّا إيماناً منّا بقدراتها، وتمكيناً لدورها في بناء الوطن وتشجيعاً لها سواء على مستوى التشريعات والقوانين الداعمة لذلك، أو على مستوى تأمين ما تحتاجه من دعم ماديّ ومعنوي يسهم في إشراكها في مجالات الحياة كافة، وهذا ما ترسّخ في عقيدة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله حين قال:
«ما حققته المرأة الإماراتية من نجاحات وإنجازات يرسّخ ثقتنا في قدرتها على التميز في النجاح”.
وما أجملها من كلمة قالها سموّه مهنئاً المرأة في عيدها، حين قال: “نحتفل غداً بيوم المرأة الإماراتية، شريكة التنمية، وصانعة الأجيال، وأم الشهداء، وفخر الإمارات، وعديلة الروح”.
وأضاف عبارة توزن بالذهب، هي قوله:
“اليوم ثلثا موظفي الحكومة نساء، وثلثا خريجي جامعاتنا الوطنية نساء، وثلث مجلس الوزراء نساء، نحن لا نمكن المرأة، نحن نمكن المجتمع بالمرأة”.
فالمرأة الإمارتية أضحت شريكاً فاعلاً في رسم خطوط الحياة السياسية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية والإعلاميّة، ونالت حظاً وافراً من الاهتمام في ظل توجيهات ودعم رئيس الدولة حفظه الله.
ومن الجدير بالذكر أنّ دولة الإمارات العربية المتحدة أطلقت مبادرات عدّة تدعم تعزيز التوازن بين الجنسين في القطاعين الحكومي والخاص وترسخ المشاركة الاقتصادية للمرأة ودعمها في قطاع ريادة الأعمال، وتعدّ جائزة مؤشر التوازن بين الجنسين التي تُقدّمُ سنوياً للشخصيات والجهات الداعمة للتوازن بين الجنسين على المستوى الحكومي إحدى هذه المبادرات الرائدة من نوعها ليس على مستوى الإمارات فحسب بل على مستوى الوطن العربي.
فالإمارات تسعى جاهدةً إلى تحقيق استراتيجيتها الوطنية للتوازن بين الجنسين 2022-2026 التي تقوم على أربعة أسس وهي: المشاركة الاقتصادية وريادة الأعمال والشمول المالي، والرفاه وجودة الحياة، والحماية، والقيادة والشراكات العالمية.
وفي هذا السياق يأتي “تعهّد تسريع الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة”، هادفاً إلى تعزيز التوازن بين الجنسين في القطاع الخاص، ورفع نسبة مشاركة المرأة في المناصب القيادية بالإدارة العليا والوسطى إلى 30 بالمئة كحد أدنى بحلول عام 2025، ويقوم هذا التعهّد على ضمان المساواة في الأجور، وتعزيز التوظيف والترقية على أساس المساواة بين الجنسين بما في ذلك المناصب القيادية العليا.
كما تعدّ “المنصة الوطنية للتوازن بين الجنسين” إحدى الأدوات الفاعلة لقياس ورصد بيانات ومشاريع التوازن بين الجنسين بالحكومة الاتحادية والحكومات المحلية.
وختاماً: لا يسعنا إلا أن نبارك للمرأة في بلادنا الحبيبة ما حققته من إنجازات، ونثمن ما قدّمته من تضحيات في سبيل بناء الإنسان والأوطان، إيمانًا بمستقبل مشرق لها في ظلّ قيادةٍ رشيدة ترى فيها شريكة للرجل في كلّ نجاح.