براعم الأمل

الطفولة… هذه الكلمة الجميلة التي ترسم البسمة على المحيّا، وتبعث الراحة والطمأنينة في النفوس.
وإذا ما تحدثنا عن المستقبل الواعد فإننا بلا شكّ نقصد جيل الأطفال الذي نعوّل عليه في بناء الوطن.
فلا سعادةَ لأمةٍ ولا استقرار لأيِّ مجتمعٍ إلّا برعاية الأطفال والعناية بهم، كيف لا وهم براعم الحاضر، وأمل المستقبل؟ نعم إنّهم الغراس الطيبة التي ستثمر الجنى الطيب إذا ما ارتوت من معين الحبّ الأسريّ، وتشبّعت بالقيم الأصيلة.
وتعدُّ رعاية الأطفال والاهتمام بمستقبلهم وتمكينهم من القيم الأصيلة والراسخة في المجتمع الإماراتي؛ فقد دعمت التقاليد المجتمعية دائمًا حماية الأطفال، وتوفير أشكال الرعاية لهم، وتمكينهم من تكوين شخصيات مستقلة وتحديد خياراتهم بأنفسهم.
وقد تعلمنا من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة حاكم دبي أنّ الإنسان أساس رقي الأوطان، وأنّ الوطن القويّ إنّما يكتسب قوته من قوة أبنائه ورقيهم وحبهم له.
ومن هنا فقد كان الطفل أولوية تصدرت اهتمامات المعنيين في الإمارات؛ لأنه الركيزة الأولى في بناء المجتمع وتقدمه، فحين يحصل الطفل على حقوقه كاملة من التعليم والرعاية الأسرية وينهل من معين العطف الأبويّ، ويتمتع بغيرها من الحقوق التي تضمن له حياة كريمة مستقرة، عندها ستتعزز ثقته بنفسه، وسيكون أمامنا إنسان حاضر للنهوض بوطنه، والقيام بدوره في بنائه ورفعته.


وبالمقابل هل تتصورون ما يمكن أن يخلفه إهمال هذا الطفل، وتركه لنوائب الزمان تعض جسده الغضّ، وتفتك بطفولته البريئة؟ نعم سوف يتجه إلى ما لا يحمد عقباه من الجريمة، والانحراف، وإفساد مجتمعه، وسيكون صيداً سهلاً لعصابات الجريمة أو المخدرات، أو غير ذلك من طرق السوء التي تقتل الإنسانية في قلبه، وتهدم القيم والأخلاق، أضف إلى ذلك أنّ المجتمع سيخسر إنساناً كان يمكن أن يكون له دور إيجابي في تقدمه وازدهاره.
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة تحظى الطفولة بالاهتمام والعناية على أعلى مستوى؛ إذ وردت في الدستور نصوص واضحة توجب أن يشمل المجتمع برعايته الطفولة، وتعدّ دولة الإمارات نموذجاً عالمياً في حماية حقوق الأطفال وتعزيز رعايتهم في المجالات الصحية والتعليمية والاجتماعية، فقد أطلقت مجموعة من البرامج والمبادرات لتعزيز تنشئة براعم المستقبل، إضافة إلى القوانين التي سنتها لترسيخ دور ومكانة الطفل في المجتمع الإماراتي.
و انطلاقاً من إيمانها بمكانة الطفل وعظيم أثر رعايته، تعمل دولة الإمارات وفق منظومة متكاملة تهدف إلى رعاية الطفل وحمايته وتمكينه، تبدأ منذ الولادة، من خلال أنظمة الرعاية الصحية والتعليم وغيرها من برامج السياسة الوطنية للأسرة التي تدعم حق الطفل في العيش ضمن بيئة آمنة وصحية تتيح له تحقيق السعادة في أسرة مستقرة.
ومن هنا، وكما ذكرنا، كانت دولة الإمارات السبّاقة إلى سنّ القوانين والتشريعات الكفيلة بحماية الطفل وتمكينه، فقد شهدت المسيرة القانونية المرتبطة بحقوق الطفل إقرار عدد من القوانين والأنظمة لحماية وتمكينه ليمارس دوره في المجتمع، ويحصل على حقوقه كاملةً، فكان العام 2012 انعطافاً مهمًا في تاريخ التشريعات الخاصة بالطفولة، إذ أطلقت دولة الإمارات ورشة قانونية أدت في العام 2016 إلى صدور ما عُرف باسم “قانون وديمة” الذي خلّد اسم الطفلة “وديمة” التي كانت قد توفيت إثر تعرضها للتعنيف.


هذا القانون الذي يعدّ نقلة نوعية على مستوى المنطقة العربية في التعامل مع حقوق الطفل، وقد قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله” عند إقراره: “إنّ لجميع الأطفال دون تمييز الحق في حياة آمنة وبيئة مستقرة ورعاية دائمة وحماية من أية مخاطر أو انتهاكات”.
كما حددت الإمارات الخامس عشر من مارس من كل عام، موعداً للاحتفاء بالطفل الإماراتي وإبراز دور الدولة وإنجازاتها في إطار رعايته ومنحه حقوقه الأساسية بما يتماشى مع الأعراف والقوانين الدولية.
ويعدُ البرلمان الإماراتي للطفل الذي تأسس في فبراير 2020 شاهداً على الالتزام التام لحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة بتعزيز المشاركة الفعّالة لكل الأطفال بما فيهم أصحاب الهمم وأسرهم والمؤسسات ذات الصلة بتنمية المجتمع.


وسعياً منها لإتاحة المشاركة المجتمعية للأطفال، وتقديم الكثير من المعلومات حول الجهات الحكومية أطلقت وزارة تنمية المجتمع في فبراير 2019 منصة “الحكومة الرقمية للطفل” التي توفر بيئة رقمية تفاعلية تستهدف الأطفال واليافعين، لتوظيف الألعاب وتقنيات الواقع الافتراضي.
كما أطلقت الوزارة مبادراتي “تواصل” و”نيمو” وذلك لتوفير وسائل تواصل مع الأطفال المصابين بالتوحد والأطفال الذين يعانون من صعوبة في التواصل.


وبهذا ندرك مدى أهميّة براعم الوطن في بناء المجتمع، ومدى اهتمام دولة الإمارات بالطفولة وحقوقها، وعليه فإني أرى أنّه من واجبنا جميعاً أن ندرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا تجاه الطفولة في كل مكان، وأن نسعى جاهدين إلى ضمان الحياة الفضلى لبراعم الأمل، وجيل المستقبل.

مشاركة هذا المقال على :

يمكنك الإطلاع أيضاً: